كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فكل نوع من أنواع الكون متوجه منذ أول تكونه إلى كمال وجوده وغاية خلقه الذى فيه خيره وسعادته، والنوع الإنساني أحد هذه الأنواع غير مستثنى من بينها فله كمال وسعادة يسير إليها ويتوجه نحوها أفراده فرادى ومجتمعين.
ومن الضرورى عندنا أن هذا الكمال لا يتم للإنسان وحده لوفور حوائجه الحيوية وكثرة الأعمال التى يجب أن يقوم بها لاجل رفعها فالعقل العملي الذى يبعثه إلى الاستفادة من كل ما يمكنه الاستفادة منه واستخدام الجماد وأصناف النبات والحيوان في سبيل منافعه يبعثه إلى الانتفاع بأعمال غيره من بنى نوعه.
غير أن الافراد أمثال وفي كل واحد منهم من العقل العملي والشعور الخاص الإنساني ما في الاخر ويبعثه من الانتفاع إلى مثل ما يبعث إليه الاخر ما عنده من العقل العملي، واضطرهم ذلك إلى الاجتماع التعاوني بأن يعمل الكل للكل وينتفع من عمل الغير بمثل ما ينتفع الغير من عمله فيتسخر كل لغيره بمقدار ما يسخره كما قال تعالى: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} الزخرف: 32.
وهذا الذى ذكرناه من بناء الإنسان على الاجتماع التعاوني اضطرارى له ألزمه عليه حاجة الحياة وقوة الرقباء فهو في الحقيقة مدنى تعاوني بالطبع الثاني وإلا فطبعه الأولى أن ينتفع بكل ما يتيسر له الانتفاع حتى أعمال أبناء نوعه، ولذلك مهما قوى لانسان واستغنى واستضعف غيره عدا عليه وأخذ يسترق الناس ويستثمرهم من غير عوض قال تعالى: {إن الإنسان لظلوم كفار} إبراهيم: 34 وقال: {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى} العلق: 8.
ومن الضرورى أن الاجتماع التعاوني بين الافراد لا يتم إلا بقوانين يحكم فيها وحفاظ تقوم بها، وهذا مما استمرت سيرة النوع عليه فما من مجتمع من المجتمعات الإنسانية كاملا كان أو ناقصا، راقيا كان أو منحطا إلا ويجرى فيه رسوم وسنن جريانا كليا أو أكثريا التاريخ والتجربة والمشاهدة أعدل شاهد في تصديقه وهذه الرسوم والسنن وإن شئت فسمها القوانين هي مواد وقضايا فكرية تطبق عليها أعمال الناس تطبيقا كليا أو أكثريا في المجتمع فينتج سعادتهم حقيقة أو ظنا فهى أمور متخللة بين كمال الإنسان ونقصه، وأشياء متوسطة بين الإنسان وهو في أول نشأته وبينه وهو مستكمل في حياته عائش في مجتمعه تهدى الإنسان إلى غاية وجوده فافهم ذلك.
وقد علم أن من الواجب في عناية الله أن يهدى الإنسان إلى سعادة حياته وكمال وجوده على حد ما يهدى سائر الأنواع إليه فكما هداه بواجب عنايته من طريق الخلقة والفطرة إلى ما فيه خيره وسعادته وهو الذى يبعثها إليه نظام الكون والجهازات التى جهز بها إلى أن يشعر بما فيه نفعه ويميز خيره من شره وسعادته من شقائه كما قال تعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} الشمس: 10.
يهديه بواجب عنايته إلى أصول وقوانين اعتقادية وعملية يتم له بتطبيق شؤون حياته عليها كماله وسعاته فإن العناية الإلهية بتكميل الأنواع بما يناسب نوع وجودها توجب هذا النوع من الهداية كما توجب الهداية التكوينية المحضة.
ولا يكفى في ذلك ما جهز به الإنسان من العقل- وهو هاهنا العملي منه- فإن العقل كما سمعت يبعث نحو الاستخدام ويدعو إلى الاختلاف، ومن المحال أن يفعل شيء من القوى الفعالة فعلين متقابلين ويفيد أثرين متناقضين، على أن المتخلفين من هذه القوانين والمجرمين بأنواع الجرائم المفسدة للمجتمع كلهم عقلاء ممتعون بمتاع العقل مجهزون به.
فظهر أن هناك طريقا آخر لتعليم الإنسان شريعة الحق ومنهج الكمال والسعادة غير طريق التفكر والتعقل وهو طريق الوحى، وهو نوع تكليم إلهى يعلم الإنسان مايفوز بالعمل به والاعتقاد له في حياته الدنيوية والاخروية.
فإن قلت: الأمر سواء فإن شرع النبوة لم يأت بأزيد مما لو كان العقل لاتى به فان العالم الإنساني لم يخضع لشرائع الأنبياء كما لم يصغ إلى نداء العقل، ولم يقدر الوحى أن يدير المجتمع الإنساني ويركبه صراط الحق فما هي الحاجة إليه؟ قلت: لهذا البحث جهتان: جهة أن العناية الإلهية من واجبها ان تهدى المجتمع الإنساني إلى تعاليم تسعده وتكمله لو عمل بها وهى الهداية بالوحى ولا يكفى فيها العقل، وجهة ان الواقع في الخارج والمتحقق بالفعل ما هو؟ وانما نبحث في المقام من الجهة الأولى دون الثانية، ولا يضر بها ان هذه الطريقة لم تجر بين الناس إلى هذه الغاية إلا قليلا.
وذلك كما ان العناية الإلهية تهدى انواع النبات والحيوان إلى كمال خلقها وغاية وجودها ومع ذلك يسقط اكثر افراد كل نوع دون الوصول إلى غايته النوعية ويفسد ويموت قبل البلوغ إلى عمره الطبيعي.
وبالجملة فطريق النبوة مما لا مناص منه في تربية النوع بالنظر إلى العناية الإلهية وإلا لم تتم الحجة بمجرد العقل لأن له شغلا غير الشغل وهو دعوة الإنسان إلى ما فيه صلاح نفسه، ولو دعاه إلى شيء من صلاح النوع فإنما يدعوه إليه بما فيه صلاح نفسه فأفهم ذلك وأحسن التدبر في قوله تعالى: {إنا أوحينا اليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} النساء: 165.
فمن الواجب في العناية أن ينزل الله على المجتمع الإنساني دينا يدينون به وشريعة يأخذون بها في حياتهم الاجتماعية دون ان يخص بها قوما ويترك الاخرين سدى لا عناية بهم، ولازمه الضرورى أن يكون أول شريعة نزلت عليهم شريعة عامة.
وقد اخبر الله سبحانه عن هذه الشريعة بقوله عز من قائل: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} البقرة: 213، فبين أن الناس كانوا أول ما نشأوا وتكاثروا على فطرة ساذجة لا يظهر فيهم أثر الاختلافات والمنازعات الحيوية ثم ظهر فيهم الاختلافات فبعث الله الأنبياء بشريعة وكتاب يحكم بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه، ويحسم مادة الخصومة والنزاع.
ثم قال تعالى فيما امتن به على محمد صلى الله عليه وآله وسلم: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى} الشورى: 13.
ومقام الامتنان يقضى بأن الشرائع الإلهية المنزلة على البشر هي هذه التى ذكرت لا غير، واول ما ذكر من الشريعة هي شريعة نوح، ولو لم يكن عامة للبشر كلهم وخاصة في زمنه عليه السلام لكان هناك إما نبى آخر ذو شريعة أخرى لغير قوم نوح ولم يذكر في الآية ولا في موضع آخر من كلامه تعالى، وإما إهمال سائر الناس غير قومه عليه السلام في زمنه وبعده إلى حين.
فقد بان أن نبوة نوح عليه السلام كانت عامة، وأن له كتابا وهو المشتمل على شريعته الرافعة للاختلاف، وأن كتابه اول الكتب السماوية المشتملة على الشريعة، وأن قوله تعالى في الآية السابقة: {وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} هو كتابه أو كتابه وكتاب غيره من أولى العزم: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد-صلى الله عليه وآله وسلم-.
وظهر أيضا ان ما يدل من الروايات على عدم عموم دعوته عليه السلام مخالف للكتاب وفي حديث الرضا عليه السلام ان اولى العزم من الأنبياء خمسة لكل منهم شريعة وكتاب ونبوتهم عامة لجميع من سواهم نبيا أو غير نبى، وقد تقدم الحديث في ذيل قوله تعالى: {كان الناس أمة واحدة} البقرة 213، في الجزء الثاني من الكتاب.
7- هل الطوفان كانت عامة لجميع الأرض؟ تبين الجواب عن هذا السؤال في الفصل السابق فإن عموم دعوته عليه السلام يقضى بعموم العذاب، وهو نعم القرينة على أن المراد بسائر الآيات الدالة بظاهرها على العموم ذلك كقوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} نوح: 26، وقوله حكاية عنه: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} هود: 43، وقوله: و{جعلنا ذريته هم الباقين} الصافات: 77.
ومن الشواهد من كلامه تعالى على عموم الطوفان ما ذكر في موضعين من كلامه تعالى أنه أمر نوحا أن يحمل من كل زوجين اثنين فمن الواضح أنه لو كان الطوفان خاصا بصقع من أصقاع الأرض وناحية من نواحيها كالعراق- كما قيل- لم يكن أي حاجة إلى ان يحمل في السفينة من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين اثنين.
وهو ظاهر.
واختار بعضهم كون الطوفان خاصا بأرض قوم نوح عليه السلام قال صاحب المنار في تفسيره: أما قوله في نوح عليه السلام بعد ذكر تنجيته وأهله: {وجعلنا ذريته هم الباقين} فالحصر فيهم يجوز أن يكون إضافيا أي الباقين دون غيرهم من قومه، وأما قوله: {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} فليس نصا في أن المراد بالارض هذه الكرة كلها فإن المعروف من كلام الأنبياء والاقوام وفي أخبارهم أن تذكر الأرض ويراد بها ارضهم ووطنهم كقوله تعالى حكاية عن خطاب فرعون لموسى وهارون: {وتكون لكما الكبرياء في الأرض} يعنى ارض مصر، وقوله: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} فالمراد بها مكة، وقوله: {وقضينا إلى بنى إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين} والمراد بها الأرض التى كانت وطنهم، والشواهد عليه كثيرة.
ولكن ظواهر الآيات تدل بمعونة القرائن والتقاليد الموروثة عن اهل الكتاب على أنه لم يكن في الأرض كلها في زمن نوح إلا قومه وانهم هلكوا كلهم بالطوفان ولم يبق بعده فيها غير ذريته، وهذا يقتضى ان يكون الطوفان في البقعة التى كانوا فيها من الأرض سهلها وجبلها لا في الأرض كلها إلا إذا كانت اليابسة منها في ذلك الزمن صغيرة لقرب العهد بالتكوين وبوجود البشر عليها فإن علماء التكوين وطبقات الأرض- الجيولوجية- يقولون إن الأرض كانت عند انفصالها من الشمس كرة نارية ملتهبة ثم صارت كرة مائية ثم ظهرت فيها اليابسة بالتدريج.
ثم اشار إلى ما استدل به بعض اهل النظر على عموم الطوفان لجميع الأرض من أنا نجد بعض الاصداف والاسماك المتحجرة في اعالي الجبال وهذه الأشياء مما لا تتكون إلا في البحر فظهورها في رؤس الجبال دليل على ان الماء قد صعد إليها مرة من المرات، ولن يكون ذلك حتى يكون قد عم الأرض هذا.
ورد عليه بأن وجود الاصداف والحيوانات البحرية في قلل الجبال لا يدل على انه من اثر ذلك الطوفان بل الاقرب انه من اثر تكون الجبال وغيرها من اليابسة في الماء كما قلنا آنفا فإن صعود الماء إلى الجبال اياما معدودة لا يكفى لحدوث ما ذكر فيها.
ثم قال ما ملخصه: ان هذه المسائل التاريخية ليست من مقاصد القرآن ولذلك لم يبينها بنص قطعي فنحن نقول بما تقدم إنه ظاهر النصوص ولا نتخذه عقيده دينية قطعية فإن اثبت علم الجيولوجية خلافه لا يضرنا لأنه لا ينقض نصا قطعيا عندنا. انتهى.
أقول: اما ما ذكره من تأويل الآيات فهو من تقييد الكلام من غير دليل، وأما قوله في رد قولهم بوجود الاصداف والاسماك في قلل الجبال: إن صعود الماء إليها في ايام معدودة لا يكفى في حدوثها! ففيه أن من الجائز ان تحملها امواج الطوفان العظيمة إليها ثم تبقى عليها بعد النشف فإن ذلك من طوفان يغمر الجبال الشامخة في ايام معدودة غير عزيز.
وبعد ذلك كله قد فاته ما ينص عليه الآيات أنه عليه السلام أمر ان يحمل من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين اثنين فإن ذلك كالنص في ان الطوفان عم البقاع اليابسة من الأرض جميعا أو معظمها الذى هو بمنزلة الجميع.
فالحق ان ظاهر القرآن الكريم- ظهورا لا ينكر- ان الطوفان كان عاما للارض، وان من كان عليها من البشر أغرقوا جميعا، ولم يقم لهذا الحين حجة قطعية تصرفها عن هذا الظهور.
وقد كنت سألت صديقى الفاضل الدكتور سحابي المحترم استاذ الجيولوجيا بكلية طهران ان يفيدني بما يرشد إليه الأبحاث الجيولوجية في أمر هذا الطوفان العام إن كان فيها ما يؤيد ذلك على وجه كلى فأجابني بإيفاد مقال محصله ما يأتي مفصلا في فصول: 1- الاراضي الرسوبية: تطلق الاراضي الرسوبية في الجيولوجيا على الطبقات الارضية التى كونتها رسوبات المياه الجارية على سطح الأرض كالبطائح والمسيلات التى غطتها الرمال ودقاق الحصى.
نعرف الاراضي الرسوبية بما تراكم فيها من الرمال ودقاق الحصى الكروية المدورة فإنها كانت في الأصل قطعات من الحجارة حادة الاطراف والزوايا حولتها إلى هذه الحالة الاصطكاكات الواقعة بينها في المياه الجارية والسيول العظيمة ثم إن الماء حملها وبسطها على الأرض في غايات قريبة أو بعيدة بالرسوب.
وليست تنحصر الاراضي الرسوبية في البطائح فغالب الاراضي الترابية من هذا القبيل تخالطها أو تكونها رمال بالغة في الدقة، وقد حملها لدقتها وخفتها إليها جريان المياه والسيول.
نجد الاراضي الرسوبية وقد غطتها طبقات مختلفة من الرمل والتراب بعضها فوق بعض من غير ترتيب ونظم، وذلك- أولا- امارة ان تلك الطبقات لم تتكون في زمان واحد بعينه- وثانيا- ان مسير المياه والسيول أو شدة جريانها قد تغير بحسب اختلاف الازمنة.
ويتضح بذلك ان الاراضي الرسوبية كانت مجارى ومسايل في الازمنة السابقة لمياه وسيول هامة وإن كانت اليوم في معزل من ذلك.
وهذه الاراضي التى تحكى عن جريان مياه كثيرة جدا وسيلان سيول هائلة عظيمة توجد في اغلب مناطق الأرض منها اغلب نقاط إيران كأراضي طهران وقزوين وسمنان وسبزوار ويزد وتبريز وكرمان وشيراز وغيرها، ومنها مركز بين النهرين وجنوبه، وما وراء النهر، وصحراء الشام، والهند، وجنوب فرنسا، وشرقي الصين، ومصر، وأكثر قطعات امريكا، وتبلغ صخامة الطبقة الرسوبية في بعض الاماكن إلى مئات الامتار كما أنها في أرض طهران تجاوز أربعماءة مترا.
وينتج مما مر أولا: أن سطح الأرض في عهد ليس بذاك البعيد على ما سيأتي توضيحه كان مجرى سيول هائلة عظيمة ربما غطت معظم بقاعها.
وثانيا: أن الطغيان والطوفان- بالنظر إلى صخامة القشر الرسوبي في بعض الاماكن- لم يحدث مرة واحدة ولا في سنة أو سنين معدودة بل ام أو تكرر في مئات من السنين كلما حدث مرة كون طبقة رسوبية ثم إذا انقطع غطتها طبقة ترابية ثم إذا عاد كون أخرى وهكذا وكذلك اختلاف الطبقات الرسوبية في دقة رمالها وعدمها يدل على اختلاف السيلان بالشدة والضعف.
2- الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيولوجية: ترسب الطبقات الرسوبية عادة رسوبا افقيا ولكن ربما وقعت اجزاؤها المتراكمة تحت ضغطات جانبية قوية شديدة على ما بها من الدفع من فوق ومن تحت فتخرج بذلك تدريجا عن الافقية إلى التدوير والالتواء، وهذا غير ظاهر الاثر في الازمنة القصيرة المحدودة لكن إذا تمادى الزمان بطوله كمرور الملايين من السنين ظهر الاثر وتكونت بذلك الجبال بسلاسلها الملتوية بعض تلالها في بعض وترتفع بقللها من سطوح البحار.
ويستنتج من ذلك ان الطبقات الرسوبية والقشور الافقية الباقية على حالها من احدث الطبقات المتكونة على البسيط، والدلائل الفنية الموجودة تدل على ان عمرها لا يجاوز عشرة آلاف إلى خمس عشرة ألف سنة من زماننا هذا.
3- انبساط البحار واتساعها بانحدار المياه إليها.
كان تكون القشور الرسوبية الجديدة عاملا في انبساط أكثر بحار الكرة واتساعها بأطرافها فارتفعت مياهها وغطت أكثر سواحلها، وملت جزائر في السواحل أحاطت بها من معظم جوانبها.